تبرير الجريمة بأنها بسبب الفقر أو البطالة وتبرئة ساحة المجرم وتوجيه اللوم إلى الدولة أو إلى المجتمع خطأ فادح ينبغي عدم تمريره في الإعلام بأي شكل
الارتفاع الملحوظ في وتيرة وسلوك العنف بين الأفراد، والتساهل في إطلاق النار الذي ربما ينتج عنه القتل لأسباب تافهة، والرغبة في حسم الخلافات باللجوء إلى القوة أو اتباع وسائل غير قانونية وغير نظامية وعدم المبالاة بحقوق الآخرين، وتهديد المعلمين والمسؤولين والاعتداء عليهم، وتراجع درجة الخوف من السلطة ومن الجهات الأمنية سلوكيات آخذة في الازدياد في المجتمع السعودي.
والمتأمل في الأسباب المفسرة لازدياد هذه السلوكيات يجد أنه يأتي في مقدمتها الأمن من حتمية العقوبة - ومن أمن العقوبة أساء الأدب - فكلما ارتفع إيمان الشخص واعتقاده بأنه لن يقع في يد العدالة ولن يعاقب زادت لديه الجرأة في كسر القانون.
كما أن الإحساس بعدم تحقق العدالة والشعور بالغبن وربما القطع المسبق بضياع الحقوق من خلال طلبها بالطرق النظامية وما ينتج عن ذلك من شعور دائم بالإحباط يجعل الإنسان في حالة انفعالية دائمة، وتزداد لديه النزعة في حل النزاعات بطريقته الخاصة، وما ذلك إلا بسبب الإحساس بحتمية ضياع الحق وعدم مساءلة من يكسر القانون، في مقابل عدم مكافأة من يحترم القانون. وقد يكون السبب في ذلك عدم وجود جهات تنفيذية تنظر بسرعة وفعالية في القضايا ذات الطابع المدني مثل قضايا المرور وكل ما يرتبط باستخدام الطريق وحقوق المستهلك أثناء تعامله في البيع والشراء ورفض تسديد الإيجارات وغيرها من أمور الحياة ذات الطابع المدني يجعلها تتحول إلى قضايا جنائية بسبب لجوء البعض إلى حل النزاع بطريقته الخاصة، لأن الحل النظامي يعني الانتظار عدة شهور وربما سنوات في المحاكم.
وثمة سبب آخر؛ وهو سبب ثقافي واجتماعي ويتمثل في التشجيع على اللجوء إلى العنف وارتباط ذلك بالرجولة وتشجيع سلوك التحدي والمكابرة وامتداح من ينتزع حقه بنفسه ووصفه بالبطل وترديد عبارات تشجّع على كسر القانون مثل عبارة "السجن للرجال" وغيرها من التعبيرات والأمثال التي ما هي إلا نتاج ثقافة مأزومة تشجع على تبني شريعة الغاب، رغم أنها خسارة للجميع، ورغم أن سيادة القانون هي ما يميز المجتمعات البشرية عن شريعة الغاب، وإذا غاب القانون غاب معه الأمن الحسي والمعنوي والنفسي للفرد وللمجتمع.
وعلى الرغم من وجود هذا السلوك منذ القدم إلا أنه وجد تشجيعا وتعزيزا في الفترة الأخيرة من خلال ثورة الاتصالات التي تتيح للأفراد التفاعل والتشجيع اللحظي من خلال الثناء والمديح المباشر. ويأتي ذلك مصحوبا بالتغير الاجتماعي السريع الذي فرض المزيد من الضغوط الاجتماعية على الشباب وجعلهم فريسة سهلة لصراع القيم بين ذات الفرد وشعارات المجتمع، كما أن تهميش الشباب والسخرية الدائمة منهم والتضييق عليهم يقودهم إلى سلوك التحدي من أجل أثبات الذات.
وجزء من اللوم يقع على وسائل الإعلام التي لا تكلّ من السخرية من الأنظمة، مما يعد تشجيعا ضمنيا للشباب والمراهقين على كسرها واتخاذ موقف عدائي من بعضها، فضلا عن تبرير الجريمة في بعض الأحيان بأنها بسبب الفقر أو البطالة وتبرئة ساحة المجرم وتوجيه اللوم إلى الدولة أو إلى المجتمع، وهو خطأ فادح ينبغي عدم تمريره في الإعلام بأي شكل.
هل غابت هيبة أجهزة الدولة الرقابية والتنفيذية، مما يحتم استعادتها، وذلك أول حلول المشكلة، إن كانت الهيبة قد غابت فعلا؟
في الماضي كان مندوب من الإمارة (وكان يسمى "خوي" في ذلك الوقت) يستطيع إحضار قبيلة بكاملها إلى مقر الإمارة أو إلى المحكمة، رغم أنه يذهب في مهمته منفردا ولا يحمل معه سلاحا، ولا حتى يلبس ملابس عسكرية، ولكنها هيبة أجهزة الدولة التي لا بد منها، و"الله سبحانه وتعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".
حملة السكينة
الارتفاع الملحوظ في وتيرة وسلوك العنف بين الأفراد، والتساهل في إطلاق النار الذي ربما ينتج عنه القتل لأسباب تافهة، والرغبة في حسم الخلافات باللجوء إلى القوة أو اتباع وسائل غير قانونية وغير نظامية وعدم المبالاة بحقوق الآخرين، وتهديد المعلمين والمسؤولين والاعتداء عليهم، وتراجع درجة الخوف من السلطة ومن الجهات الأمنية سلوكيات آخذة في الازدياد في المجتمع السعودي.
والمتأمل في الأسباب المفسرة لازدياد هذه السلوكيات يجد أنه يأتي في مقدمتها الأمن من حتمية العقوبة - ومن أمن العقوبة أساء الأدب - فكلما ارتفع إيمان الشخص واعتقاده بأنه لن يقع في يد العدالة ولن يعاقب زادت لديه الجرأة في كسر القانون.
كما أن الإحساس بعدم تحقق العدالة والشعور بالغبن وربما القطع المسبق بضياع الحقوق من خلال طلبها بالطرق النظامية وما ينتج عن ذلك من شعور دائم بالإحباط يجعل الإنسان في حالة انفعالية دائمة، وتزداد لديه النزعة في حل النزاعات بطريقته الخاصة، وما ذلك إلا بسبب الإحساس بحتمية ضياع الحق وعدم مساءلة من يكسر القانون، في مقابل عدم مكافأة من يحترم القانون. وقد يكون السبب في ذلك عدم وجود جهات تنفيذية تنظر بسرعة وفعالية في القضايا ذات الطابع المدني مثل قضايا المرور وكل ما يرتبط باستخدام الطريق وحقوق المستهلك أثناء تعامله في البيع والشراء ورفض تسديد الإيجارات وغيرها من أمور الحياة ذات الطابع المدني يجعلها تتحول إلى قضايا جنائية بسبب لجوء البعض إلى حل النزاع بطريقته الخاصة، لأن الحل النظامي يعني الانتظار عدة شهور وربما سنوات في المحاكم.
وثمة سبب آخر؛ وهو سبب ثقافي واجتماعي ويتمثل في التشجيع على اللجوء إلى العنف وارتباط ذلك بالرجولة وتشجيع سلوك التحدي والمكابرة وامتداح من ينتزع حقه بنفسه ووصفه بالبطل وترديد عبارات تشجّع على كسر القانون مثل عبارة "السجن للرجال" وغيرها من التعبيرات والأمثال التي ما هي إلا نتاج ثقافة مأزومة تشجع على تبني شريعة الغاب، رغم أنها خسارة للجميع، ورغم أن سيادة القانون هي ما يميز المجتمعات البشرية عن شريعة الغاب، وإذا غاب القانون غاب معه الأمن الحسي والمعنوي والنفسي للفرد وللمجتمع.
وعلى الرغم من وجود هذا السلوك منذ القدم إلا أنه وجد تشجيعا وتعزيزا في الفترة الأخيرة من خلال ثورة الاتصالات التي تتيح للأفراد التفاعل والتشجيع اللحظي من خلال الثناء والمديح المباشر. ويأتي ذلك مصحوبا بالتغير الاجتماعي السريع الذي فرض المزيد من الضغوط الاجتماعية على الشباب وجعلهم فريسة سهلة لصراع القيم بين ذات الفرد وشعارات المجتمع، كما أن تهميش الشباب والسخرية الدائمة منهم والتضييق عليهم يقودهم إلى سلوك التحدي من أجل أثبات الذات.
وجزء من اللوم يقع على وسائل الإعلام التي لا تكلّ من السخرية من الأنظمة، مما يعد تشجيعا ضمنيا للشباب والمراهقين على كسرها واتخاذ موقف عدائي من بعضها، فضلا عن تبرير الجريمة في بعض الأحيان بأنها بسبب الفقر أو البطالة وتبرئة ساحة المجرم وتوجيه اللوم إلى الدولة أو إلى المجتمع، وهو خطأ فادح ينبغي عدم تمريره في الإعلام بأي شكل.
هل غابت هيبة أجهزة الدولة الرقابية والتنفيذية، مما يحتم استعادتها، وذلك أول حلول المشكلة، إن كانت الهيبة قد غابت فعلا؟
في الماضي كان مندوب من الإمارة (وكان يسمى "خوي" في ذلك الوقت) يستطيع إحضار قبيلة بكاملها إلى مقر الإمارة أو إلى المحكمة، رغم أنه يذهب في مهمته منفردا ولا يحمل معه سلاحا، ولا حتى يلبس ملابس عسكرية، ولكنها هيبة أجهزة الدولة التي لا بد منها، و"الله سبحانه وتعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".
حملة السكينة