لا يمكن فصل أي حراك اجتماعي أو سياسي داخلي والنظر إليه بزاوية خاصة بعيداً عن الصورة الكلية للمشهد السياسي العالمي، فإن نظرة مثل هذه "مدمرة"، لأن أي حراك لا بد له من مستفيد في نهاية المطاف
الكل يدرك خطورة المرحلة التي تمر بها المنطقة، ويعلم أنها في منعطف تاريخي كبير، منعطف لا يعلم مدى ما سيصل إليه الوضع إلا الله، فالقضية ليست استحقاقات اجتماعية أو سياسية للشعوب تصارع من أجلها الأنظمة الحاكمة في البلدان العربية فقط، بل هي تشكيل خارطة جديدة وبناء رؤية جيوسياسية للمنطقة برمتها، رغبة في تشكيلها من خلال تحقيق المزيد من النفوذ الغربي - والأميركي على وجه التحديد - في منطقة الشرق الأوسط، وتقديم الخدمات المجانية الكبيرة لإسرائيل لتكون القوة الأولى، والشرطي الأوحد، والمحدد لمستقبل المنطقة أمنياً وسياسياً، وهذا يقتضي إضعاف الضعيف، وتفتيت المفتت، وصياغة المنطقة بما يحقق الأمن أولاً للدولة العبرية والتمركز أكثر في مصدر الثروات والطاقة.
إنه لا يجوز في أي حال من الأحوال فصل أي حراك اجتماعي أو سياسي داخلي والنظر إليه بزاوية خاصة بعيداً عن الصورة الكلية للمشهد السياسي العالمي، فإن نظرة مثل هذه هي نظرة "مدمرة"، لأن أي حراك لا بد له من مستفيد في نهاية المطاف، وكل ما يجري في العالم الإسلامي الآن يشير إلى المستفيد من هذه الأحداث، إنهم أولئك الذين يكيدون في الليل والنهار، ويخططون منذ سنوات طويلة لتحقيق هذا الطموح الاستعماري الجديد، وهذا يعني ضرورة "الوعي" التام للمخطط، وقطع الطريق عليه من خلال هذا "الوعي"، حتى لا يكتشف أي شخص أنه كان يقاتل تحت راية عمية، وأن جهوده وأحلامه وآماله هي في النهاية قربان يقدمه مجاناً للقوى الاستعمارية الجديدة.
إن الحركة الإنسانية التاريخية تعطي قواعد عامة في تلمس فهم الأحداث من خلال فهم طبيعة التكوين النفسي والعقلي للمجتمعات البشرية، وأثر العقل الاجتماعي في تشكيل الأحداث حين تحدث الثورات الاجتماعية، وحين يلج فيها من ليس من أهلها، فتسري هذه الروح الثورية في الأنفس من غير شعور عاقل أو مستبصر بالفعل وعواقبه، فالحالة الثورية العامة والتي تجري في العالم العربي هي التي تتحكم بالعقل اللاواعي للشعوب، فيتفاجأ الكثير بالسلوك الثوري الشعوري والعملي في الوقت الذي لم يكن هذا الأمر خياراً مخططاً له، لأن الإنسان في حقيقته كائن يتشكل من خلال محيطه الاجتماعي والسياسي، وهذا أمر موجود عند الإنسان قبل العصر الحديث والذي ثارت فيه ثائرة التقنية التي أسهمت في بث هذه الروح في جنباته، فالروابط الاجتماعية هي أحد حقول علوم الاجتماع الحديثة والتي تدرس كينونة الإنسان وطبيعة علاقاته مع محيطه ومجتمعه.
إن المهمة اليوم كبيرة جداً في تبصير النفوس والعقول بطبيعة المرحلة وضرورة وعيها، والخيوط التي ترسم لبلادنا من خلال إيجاد حالة احتقان وبؤر توتر تؤدي إلى حالة من الفوضى والفتن التي هي هدف وغاية كبيرة لكل من يتربص بهذه البلاد، ويسعى إلى تفتيت اللحمة الداخلية، وجعل البلاد مسرحاً للمشكلات التي لا تحتملها طبيعة المرحلة التاريخية، وهذا يقتضي فهماً أعمق لكل الدعاوى التي تضرب على وتر الحقوق قاصدة من ذلك تحويل الشعور الاجتماعي إلى شعور ثوري قابل للانفجار في أي لحظة، فإن الذي يدفع الناس إلى السخط وإبداء التذمر ليس دائماً مطالب عقلانية موضوعية، بل هي حاجات شعورية ذاتية داخلية توظف في إحداث الفوضى وركوب العقل الجمعي لتحقيق أهداف مرسومة مسبقاً، فيوظف فيها أناس كثيرون لا يدركون أبعاد المخططات، ولا عواقب الأمور، ولا يرتبون الأولويات بناء على قواعد الموازنات العقلية والشرعية التي تقتضي في أحيان كثيرة ترك الأمر القريب لتحصل المصالح الكبرى، والسعي الإصلاحي العاقل الذي ينظر إلى الأمور من زاوية شمولية وليس من زاوية فردية أو عاطفية تكون مفاسدها أكبر من مصالحها.
لقد جاءت النصوص الشرعية الكلية القطعية في الدعوة إلى "الاعتصام بحبل الله"، ونبذ "التفرق"، وتعميق مبدأ "الإخوة"، والتذكير بمنة الله تعالى على الناس فقال الله تعالى (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً)، والدعوة إلى "نبذ الشقاق والخلاف"، والاجتماع على الولاة والسمع والطاعة، والإصلاح من خلال المبدأ الشرعي الذي يقوم على مراعاة المفاسد والمصالح، والتذكير بكيد شياطين الجن والإنس الذين يسعون إلى تفريق الكلمة، وزعزعة الأمن، وإحداث الفوضى، والتسلل إلى الناس بمعسول الكلام، والإغراء بالقيم الزائفة حتى يحققوا من خلال ذلك التمزيق للوطن، وإشاعة الفوضى وإخلال الأمن كما حصل في بلاد كثيرة، وهو الحلم الذي يراود الكثير ويسعى له الكثير.
إن هناك مبادئ مقدسة في الشرعية لا يجوز فيها التأويل، ولا خلق المبررات أياً كان نوعها، ومن ذلك "سفك الدماء وترويع الناس" وقطع كل الذرائع الموصلة إليه، فـ(لئن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من إراقة دم رجل مسلم)، فكيف إذا كانت هذه الوسائل يستخدمها الأعداء في المساومات والضغوطات التي من خلالها يرتهنون الناس لمخططاتهم وما يدبرون؟ فنجعل دماء أبناء الأمة الزكية سبيلاً لتحقيق طموحات الأعداء وإنجاح مساعيهم وما يخططون؟
المصدر: حملة السكينة
الكل يدرك خطورة المرحلة التي تمر بها المنطقة، ويعلم أنها في منعطف تاريخي كبير، منعطف لا يعلم مدى ما سيصل إليه الوضع إلا الله، فالقضية ليست استحقاقات اجتماعية أو سياسية للشعوب تصارع من أجلها الأنظمة الحاكمة في البلدان العربية فقط، بل هي تشكيل خارطة جديدة وبناء رؤية جيوسياسية للمنطقة برمتها، رغبة في تشكيلها من خلال تحقيق المزيد من النفوذ الغربي - والأميركي على وجه التحديد - في منطقة الشرق الأوسط، وتقديم الخدمات المجانية الكبيرة لإسرائيل لتكون القوة الأولى، والشرطي الأوحد، والمحدد لمستقبل المنطقة أمنياً وسياسياً، وهذا يقتضي إضعاف الضعيف، وتفتيت المفتت، وصياغة المنطقة بما يحقق الأمن أولاً للدولة العبرية والتمركز أكثر في مصدر الثروات والطاقة.
إنه لا يجوز في أي حال من الأحوال فصل أي حراك اجتماعي أو سياسي داخلي والنظر إليه بزاوية خاصة بعيداً عن الصورة الكلية للمشهد السياسي العالمي، فإن نظرة مثل هذه هي نظرة "مدمرة"، لأن أي حراك لا بد له من مستفيد في نهاية المطاف، وكل ما يجري في العالم الإسلامي الآن يشير إلى المستفيد من هذه الأحداث، إنهم أولئك الذين يكيدون في الليل والنهار، ويخططون منذ سنوات طويلة لتحقيق هذا الطموح الاستعماري الجديد، وهذا يعني ضرورة "الوعي" التام للمخطط، وقطع الطريق عليه من خلال هذا "الوعي"، حتى لا يكتشف أي شخص أنه كان يقاتل تحت راية عمية، وأن جهوده وأحلامه وآماله هي في النهاية قربان يقدمه مجاناً للقوى الاستعمارية الجديدة.
إن الحركة الإنسانية التاريخية تعطي قواعد عامة في تلمس فهم الأحداث من خلال فهم طبيعة التكوين النفسي والعقلي للمجتمعات البشرية، وأثر العقل الاجتماعي في تشكيل الأحداث حين تحدث الثورات الاجتماعية، وحين يلج فيها من ليس من أهلها، فتسري هذه الروح الثورية في الأنفس من غير شعور عاقل أو مستبصر بالفعل وعواقبه، فالحالة الثورية العامة والتي تجري في العالم العربي هي التي تتحكم بالعقل اللاواعي للشعوب، فيتفاجأ الكثير بالسلوك الثوري الشعوري والعملي في الوقت الذي لم يكن هذا الأمر خياراً مخططاً له، لأن الإنسان في حقيقته كائن يتشكل من خلال محيطه الاجتماعي والسياسي، وهذا أمر موجود عند الإنسان قبل العصر الحديث والذي ثارت فيه ثائرة التقنية التي أسهمت في بث هذه الروح في جنباته، فالروابط الاجتماعية هي أحد حقول علوم الاجتماع الحديثة والتي تدرس كينونة الإنسان وطبيعة علاقاته مع محيطه ومجتمعه.
إن المهمة اليوم كبيرة جداً في تبصير النفوس والعقول بطبيعة المرحلة وضرورة وعيها، والخيوط التي ترسم لبلادنا من خلال إيجاد حالة احتقان وبؤر توتر تؤدي إلى حالة من الفوضى والفتن التي هي هدف وغاية كبيرة لكل من يتربص بهذه البلاد، ويسعى إلى تفتيت اللحمة الداخلية، وجعل البلاد مسرحاً للمشكلات التي لا تحتملها طبيعة المرحلة التاريخية، وهذا يقتضي فهماً أعمق لكل الدعاوى التي تضرب على وتر الحقوق قاصدة من ذلك تحويل الشعور الاجتماعي إلى شعور ثوري قابل للانفجار في أي لحظة، فإن الذي يدفع الناس إلى السخط وإبداء التذمر ليس دائماً مطالب عقلانية موضوعية، بل هي حاجات شعورية ذاتية داخلية توظف في إحداث الفوضى وركوب العقل الجمعي لتحقيق أهداف مرسومة مسبقاً، فيوظف فيها أناس كثيرون لا يدركون أبعاد المخططات، ولا عواقب الأمور، ولا يرتبون الأولويات بناء على قواعد الموازنات العقلية والشرعية التي تقتضي في أحيان كثيرة ترك الأمر القريب لتحصل المصالح الكبرى، والسعي الإصلاحي العاقل الذي ينظر إلى الأمور من زاوية شمولية وليس من زاوية فردية أو عاطفية تكون مفاسدها أكبر من مصالحها.
لقد جاءت النصوص الشرعية الكلية القطعية في الدعوة إلى "الاعتصام بحبل الله"، ونبذ "التفرق"، وتعميق مبدأ "الإخوة"، والتذكير بمنة الله تعالى على الناس فقال الله تعالى (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً)، والدعوة إلى "نبذ الشقاق والخلاف"، والاجتماع على الولاة والسمع والطاعة، والإصلاح من خلال المبدأ الشرعي الذي يقوم على مراعاة المفاسد والمصالح، والتذكير بكيد شياطين الجن والإنس الذين يسعون إلى تفريق الكلمة، وزعزعة الأمن، وإحداث الفوضى، والتسلل إلى الناس بمعسول الكلام، والإغراء بالقيم الزائفة حتى يحققوا من خلال ذلك التمزيق للوطن، وإشاعة الفوضى وإخلال الأمن كما حصل في بلاد كثيرة، وهو الحلم الذي يراود الكثير ويسعى له الكثير.
إن هناك مبادئ مقدسة في الشرعية لا يجوز فيها التأويل، ولا خلق المبررات أياً كان نوعها، ومن ذلك "سفك الدماء وترويع الناس" وقطع كل الذرائع الموصلة إليه، فـ(لئن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من إراقة دم رجل مسلم)، فكيف إذا كانت هذه الوسائل يستخدمها الأعداء في المساومات والضغوطات التي من خلالها يرتهنون الناس لمخططاتهم وما يدبرون؟ فنجعل دماء أبناء الأمة الزكية سبيلاً لتحقيق طموحات الأعداء وإنجاح مساعيهم وما يخططون؟
المصدر: حملة السكينة