منتدى مدرسة الحبجيه المتوسطه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى مدرسة الحبجيه المتوسطه

منتدى مدرسه الحبجيه المتوسطه في منطقة جازان ويتضمن المنتدى نتائج الطلاب واخبار المدرسه


    حاوروهم

    ساعد وطني
    ساعد وطني


    المساهمات : 309
    تاريخ التسجيل : 29/10/2012

         حاوروهم Empty حاوروهم

    مُساهمة  ساعد وطني الإثنين أكتوبر 29, 2012 2:29 pm

    قد نعذر مالكا الإمام ، رحمه الله حين قال لمن سأله عن الاستواء: وما أراك إلا مبتدعا ، أخرجوه ! فإن التماس العذر لمثل هذا الإمام واجب ، وربما رأى منه ما يبين له أنه كان يسأل متعنتا، أو مستهزئا، لا طالب علم ، مسترشدا .
    فإذا التمسنا العذر لمالك في قصة واحدة لا ندري ما كان يحيط بها ، فلا يحسن بنا أن نجعلها قاعدة نسير عليها ، ونبني فوقها تراكمات من الفرار من المبتدعة والضلال والخارجين عن الطريق ، كما نسميهم!
    إن الله تعالى ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ، فإذا كما نتجنب الاحتكاك بالضلال ، ونبتعد عن الفاسقين ، ولا نحاور المبتدعة والكافرين ، فإنا في الحقيقة لا ندعو إلا أنفسنا .
    ألسنا دعاة لإنقاذ الناس من النار ، كما فرح الحبيب صلى الله عليه وسلم بإسلام ذلك الغلام وهو على فراش الموت ، فقال: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار . فكيف سننقذ الناس من النار ونحن لا ندعوهم ، ونحن نفر منهم ونوصي إخواننا بالفرار منهم ونحذرهم الجلوس معهم ، ونبني بيننا وبينهم سدودا فكرية واجتماعية ، تزيد الفجوة بيننا وبينهم .
    قد يعتذر أناس بأن ألزم ما على المرء دينه وعقيدته ، وينبغي أن يحرص على سلامة نفسه ، وكل ذلك حسن ، متفق عليه ، ولكن يبقى السؤال أكبر من ذي قبل بارزا أمام أعيننا ، من للهالكين إذ تخلينا عنهم ؟
    إن أسهل ما يمكن فعله هو رمي التبعة على غيرنا ، والاعتذار لأنفسنا المقصرة يسير غير عسير ، والأعذار كثيرة . وقد نعتذر بأبي طالب وأبي لهب وابن نوح وأبي إبراهيم ، ونعتذر بقول الله تعالى { إنك لا تهدي من أحببت وهذا في واقع الأمر ليس إلا غطاء نغطي به تقصيرنا وعجزنا .
    إذ لو بذلنا النصح لهم ثم لم يهتدوا لقلنا بذلك ، ولكن أين الجهد المبذول للنصح والحوار ، والمجادلة بالتي هي أحسن ، ألم نقرأ حوار إبراهيم مع أبيه في سورة مريم والأنعام ، ألم نقرأ دعوة نوح لابنه في آخر فرص النجاة ؟ ألم نقرأ في سيرته عليه الصلاة والسلام كيف كان تعامله ودعوته ، لا لعمه فحسب بل لكل من حوله، كيف كان يغشى نواديهم، ويأتي إليهم، ويمشي في أسواقهم ، ويحاورهم ، ويقبل دعوتهم للحوار حتى عوتب في ذلك حين أراد أن يخصص لهم يوما دون سائر الناس.
    إن من صنفناه ( ليبراليا ) أو ( علمانيا ) أو ( ملحدا ) أو ( مبتدعا ) أو ( ضالا ) بحاجتنا ، نحاورهم ونمد لهم كف الفكر والعقل لنقنعهم ، ونسمع منهم ، ونزيل ما علق في أذهانهم من شبه ، ونحصنهم من الشهوات ، فإن لم يستجيبوا حينها فقط نقول ( إن عليك إلا البلاغ ) ، حينها فقط نستطيع أن نعتذر بفعل مالك ، وبأقوال السلف التي تحذر من أهل البدع والزيغ .
    إن من أخطائنا أن نظن أن الدعوة الحقة هي أن نجمع حولنا المريدين في حلقة علم ، ونكتفي بهذا القدر ، ونزيد الطين بلة إذا ظننا أننا حين نلتقي بأحبابنا ، في محاضرات أو ندوات أو في خطب جمعة أنا قد أدينا ما علينا ، وليس الأمر كذلك .
    فكل ما نفعله من هذه القرب إنما هو من باب التذكير والمدارسة ، وأما الدعوة فهي التي جاء النص بها ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) . فمن يعيش في تيه الظلمات ، من مرضى القلوب ، أو من أمواتها هم الذين ينبغي أن توجه إليهم دعوتنا ، وتشمر من أجلهم هممنا ، لأن مهمتنا الأصلية هي إخراج الناس من الظلمات إلى النور.

    المصدر: حملة السكينة

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس أكتوبر 31, 2024 5:20 pm