د. هيا إبراهيم الجوهر
يتساءل الكثيرون عن سبب إيقاف البعض عند نقاط التفتيش، بينما الآخرون يعبرون بكل يسر وسهولة سواء في المطارات أو الحدود، أو حتى في شوارع المدن. السبب في ذلك قد يبدو بسيطا، لكنه في واقعه أمر معقد وموهبة يمنحها الله لمن يشاء، أو قد تكتسب بالتدريب وطول الممارسة، فردة فعل الجسم خلال هذه الدقائق أو الثواني المعدودة من شحوب الوجه، ورعشة اليدين، أو حركة العينين، قد تفضح ما يخبئه الشخص وراء ابتسامته المزيفة.
في عام 2008 تم الكشف عن أكبر عملية تهريب آثار من العراق عبر دبي من خلال ارتباك ربان السفينة الذي جعل رجال الأمن يعيدون تفتيشها باستخدام وسائل متطورة حتى تمكنوا من العثور على كمية من الآثار خلف حاجز خشبي، واليوم يوجد في معظم مراكز التحقيق والمطارات خبراء في تحليل حركات وتعابير وجه الإنسان لمحاولة فهم شخصيتهم وما قد يخفونه من أسرار، كذلك أنت قد تستطيع الكشف عن مشاعر محدثك وتفاعله مع ما تقول، فحركة عينيه مثلا قد تكشف لك خلاف ما يقوله لسانه، فعند حديثك في الهاتف يتبين من حركة جسمك وتعديل جلستك أو تغير لون بشرتك، مكانة هذا الشخص ومدى قربه منك. ومن حركة عينيك المشتتة، ونظرتك إلى الأسفل والأعلى، دليل عدم اكتراثك بالمتحدث وتمنيك إنهاء المكالمة.
يرى علماء النفس أن 60 في المائة من حالات التخاطب والتواصل تتم عبر لغة الجسد (الإيحاءات والإيماءات) أكثر من الكلام باللسان، وأن تأثيرها أقوى خمس مرات من الأثر الذي تتركه الكلمات. وفي دراسة قام بها عالم النفس ألبرت مهربيان، اكتشف أن 7 في المائة فقط من الاتصال يكون بالكلمات، و38 في المائة بنبرة الصوت، و55 في المائة بلغة الجسد، فكل جزء من جسدك يتحدث (حاجباك، عيناك، عضلات وجهك، يداك، قدماك، وحتى أذناك) ترسل رسائل للمتلقي الذي فطر على قراءة لغة الجسد، لكن اعتمادنا على الكلام قلل استفادتنا من هذه النعمة.
فإذا أردت أن تعرف هل المرأة التي أمامك محبة أو منجذبة إليك فما عليك إلا تغيير جلستك أو هز رأسك، فإن قلدتك فهي كذلك. أما أكثر الإيماءات دقة فهي ملاحظة اتجاه قدمي الشخص حيث لوحظ أنهما تتجهان إلى الموضوع الذي يفكر فيه الشخص، فالطالب الذي يتعرض للعقاب أمام زملائه في الصف تجد قدميه تتجه إلى مكان جلوسه أو إلى خارج الصف (يريد التخلص من الموقف).
وإذا كان محدثك يشعر بالراحة فتجد أنه يحرك يديه في أثناء حديثه وراحة كفيه واضحة وباتجاهك، وكذلك عند المصافحة وإلقاء التحية على البعيد تكون راحة الكف هي الظاهرة كدليل على الصدق والأمان.
وتبرز أهمية هذه اللغة في حالتين: الأولى لدى الساسة، فعالمهم إيماءاته وحركاته الخاصة التي تمكننا من قراءة أفكارهم من خلال مراقبتهم أثناء إلقائهم الخطب أو حواراتهم المباشرة، رغم أن بعضهم يستعين بخبراء ليتخلص من لغة جسده اللاإرادية. فعلى سبيل المثال، نجد أن أصبع السبابة الذي يرفعه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مشدوداً ومستقيماً يدل على التأكيد والسلطة والقيادة.
والحالة الثانية هي لغة الجسد لدى الأطفال، خصوصا ذوي الاحتياجات الخاصة، التي من خلالها نستطيع فهمهم وتلبية حاجاتهم، لذلك يرى الباحثون أن المرأة أكثر حساسية من الرجل في فهم هذه اللغة لتعاملها وقربها من الأطفال.
تقول الكاتبة فلورا دافييس مؤلفة كتاب "لغة الجسد": "لو أردت أن تعرف الأهمية التي تحتلها حركات اليد، وتعابير الوجه والجسم، فاجلس أمام شاشة التلفزيون وخفف الصوت إلى الآخر، وستكتشف عندها شيئا في غاية الأهمية"....
آمل أن تكونوا قد أتممتم قراءة المقال دون أن تتثاءبوا تعبيراً لا إراديا من جسدكم عن الملل.
____________
يتساءل الكثيرون عن سبب إيقاف البعض عند نقاط التفتيش، بينما الآخرون يعبرون بكل يسر وسهولة سواء في المطارات أو الحدود، أو حتى في شوارع المدن. السبب في ذلك قد يبدو بسيطا، لكنه في واقعه أمر معقد وموهبة يمنحها الله لمن يشاء، أو قد تكتسب بالتدريب وطول الممارسة، فردة فعل الجسم خلال هذه الدقائق أو الثواني المعدودة من شحوب الوجه، ورعشة اليدين، أو حركة العينين، قد تفضح ما يخبئه الشخص وراء ابتسامته المزيفة.
في عام 2008 تم الكشف عن أكبر عملية تهريب آثار من العراق عبر دبي من خلال ارتباك ربان السفينة الذي جعل رجال الأمن يعيدون تفتيشها باستخدام وسائل متطورة حتى تمكنوا من العثور على كمية من الآثار خلف حاجز خشبي، واليوم يوجد في معظم مراكز التحقيق والمطارات خبراء في تحليل حركات وتعابير وجه الإنسان لمحاولة فهم شخصيتهم وما قد يخفونه من أسرار، كذلك أنت قد تستطيع الكشف عن مشاعر محدثك وتفاعله مع ما تقول، فحركة عينيه مثلا قد تكشف لك خلاف ما يقوله لسانه، فعند حديثك في الهاتف يتبين من حركة جسمك وتعديل جلستك أو تغير لون بشرتك، مكانة هذا الشخص ومدى قربه منك. ومن حركة عينيك المشتتة، ونظرتك إلى الأسفل والأعلى، دليل عدم اكتراثك بالمتحدث وتمنيك إنهاء المكالمة.
يرى علماء النفس أن 60 في المائة من حالات التخاطب والتواصل تتم عبر لغة الجسد (الإيحاءات والإيماءات) أكثر من الكلام باللسان، وأن تأثيرها أقوى خمس مرات من الأثر الذي تتركه الكلمات. وفي دراسة قام بها عالم النفس ألبرت مهربيان، اكتشف أن 7 في المائة فقط من الاتصال يكون بالكلمات، و38 في المائة بنبرة الصوت، و55 في المائة بلغة الجسد، فكل جزء من جسدك يتحدث (حاجباك، عيناك، عضلات وجهك، يداك، قدماك، وحتى أذناك) ترسل رسائل للمتلقي الذي فطر على قراءة لغة الجسد، لكن اعتمادنا على الكلام قلل استفادتنا من هذه النعمة.
فإذا أردت أن تعرف هل المرأة التي أمامك محبة أو منجذبة إليك فما عليك إلا تغيير جلستك أو هز رأسك، فإن قلدتك فهي كذلك. أما أكثر الإيماءات دقة فهي ملاحظة اتجاه قدمي الشخص حيث لوحظ أنهما تتجهان إلى الموضوع الذي يفكر فيه الشخص، فالطالب الذي يتعرض للعقاب أمام زملائه في الصف تجد قدميه تتجه إلى مكان جلوسه أو إلى خارج الصف (يريد التخلص من الموقف).
وإذا كان محدثك يشعر بالراحة فتجد أنه يحرك يديه في أثناء حديثه وراحة كفيه واضحة وباتجاهك، وكذلك عند المصافحة وإلقاء التحية على البعيد تكون راحة الكف هي الظاهرة كدليل على الصدق والأمان.
وتبرز أهمية هذه اللغة في حالتين: الأولى لدى الساسة، فعالمهم إيماءاته وحركاته الخاصة التي تمكننا من قراءة أفكارهم من خلال مراقبتهم أثناء إلقائهم الخطب أو حواراتهم المباشرة، رغم أن بعضهم يستعين بخبراء ليتخلص من لغة جسده اللاإرادية. فعلى سبيل المثال، نجد أن أصبع السبابة الذي يرفعه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مشدوداً ومستقيماً يدل على التأكيد والسلطة والقيادة.
والحالة الثانية هي لغة الجسد لدى الأطفال، خصوصا ذوي الاحتياجات الخاصة، التي من خلالها نستطيع فهمهم وتلبية حاجاتهم، لذلك يرى الباحثون أن المرأة أكثر حساسية من الرجل في فهم هذه اللغة لتعاملها وقربها من الأطفال.
تقول الكاتبة فلورا دافييس مؤلفة كتاب "لغة الجسد": "لو أردت أن تعرف الأهمية التي تحتلها حركات اليد، وتعابير الوجه والجسم، فاجلس أمام شاشة التلفزيون وخفف الصوت إلى الآخر، وستكتشف عندها شيئا في غاية الأهمية"....
آمل أن تكونوا قد أتممتم قراءة المقال دون أن تتثاءبوا تعبيراً لا إراديا من جسدكم عن الملل.
____________