د. فايز بن عبدالله الشهري
لعلّ من أهم مشكلات التنشئة الاجتماعية في واقعنا اليوم هي وضوح غياب الرمز والمثال المؤثر في مسيرة النشء في كثير من شؤون الحياة. والتساؤل الواجب هنا هو ما مسببات اختفاء أو ندرة حضور "القدوة" والرمز الوطني المضيء أمام عيون الأجيال الجديدة؟
والمتأمل في بعض جوانب الظاهرة يجد أن غياب الرمز المحلي قاد إلى تسريع تأثير "استقطابات" الرموز من خارج ثقافتنا المحليّة، وهو ما بات واضحاً في مجالات الثقافة والفن والرياضة.
ولو رصدت مجمعا شبابيا يشاهد مباراة في الدوري الإنجليزي أو الأوروبي لعجبت من الحماس والتشجيع ، وانقسام المجموعة الصغيرة إلى صفين لهذا الفريق أو ذاك ولك في بقية الرموز مثال ومتمثلون من الشباب.
وحيث لا نبحث في عمق مدخلات هذه الظاهرة فقد ارتحنا للسؤال والسخرية أحياناً من ضعف القدرات الوطنيّة وعقم مجتمعنا عن إنتاج النجوم والمبدعين.
وتبدأ المشكلة حينما تتعلق هذه العيون الصغيرة والعقول الغضة برموز خارج حدود كل محترم ومهاب في المجتمع، وتصبح القدوات الوافدة هي محط الأنظار ومطمح الغايات، حينها لا تعجب من نتائج ذلك.
نعم هناك مشكلة مؤسسية في صناعة الرموز المحليّة، وهناك قضية أكبر تتمثّل في انعدام برامج تعزيز صورة الرمز والمحافظة على إشعاعه ليكون مصدر الإلهام والتمثل بدل التشبه بغريب ومتابعة خطواته كما يحصل عند كثير من شباب اليوم.
ولو راجعنا أصول المشكلة فلابد لنا أن نتساءل عن مدى فاعلية جماعات اللعب والمسجد والعائلة والمدرسة وغيرها من الجماعات المرجعية المحلية التي (يفترض أن) ينتمي إليها الشباب، وتسهم بشكل رئيس في تكوين وعيه. ومن هذا المنطلق أيضا لنا أن نعيد التفسير والتحليل، وكيف باتت المنظومات المرجعية الخارجية ذات الأثر وهي بالطبع من سيحصد ثمار التوجيه والإبهار الذي أحدثته في بنية الولد أو البنت وقد تلقفته فارغاً أو معبئاً بمضامين نظرية لم تنجح في تعبئة شخصيته، وطمأنة أسئلته في سنوات التكوين ونحن عنه غائبون. ولذا لم يكن غريباً أن يظهر أكثر من "كاشغري" مجدّفاً، أو "حمود صالح" متنكراً لكل شيء جميل في مجتمعه ومكوناته.
ونأتي هنا إلى إشكالية الرمز والقدوة وفهمه لدوره في مجتمع أشغلت الرموز أنفسها فيه بمباريات التقافز على الواجهات والشعارات،وأهملت وظائفها الاجتماعية الأساسية ودورها التاريخي في تكوين عقول وصيانة أجيال من مهاوي الردى. ولو رصدتَ "النماذج" لوجدت الرموز المحلية تتصارع في حروب التصنيفات ومعارك التخوين، وتسجيل السقطات في مشهد عبثي جعل الشباب يتفرجون عملياً على "تسالي" الرموز، وينصرفون ويتصرفون عملياً كلّ بحسب مرجعه حتى لو كان هذا المرجع منتدى إلكترونياً، أو مدونة منزوية أو مقهى يلتقي فيه المحبطون الساخطون دون "قدوة" تحتمل همومهم وطموحاتهم.
وتأسيساً على ذلك فلا عجب أن وجدنا أنفسنا بعد سنوات قلائل من شيوع ثقافة الفضائيات ونمو مستهلكي محتويات الإنترنت ونحن نعيش مع أجيال لا تطفئ مشاربنا الثقافية القديمة ظمأها، ولا تسمن مطاعم رموزنا المتناقضة من جوع بطون أضناها التأمل والمقارنة.
**مسارات:
قال ومضى: نهض "الرمز" الكبير من فراشه وبدأ يطالع متابعات المنافسين على شاشة الجوال ، وقبل مضمضة الصباح سحب "الأي باد "مستعرضاً ما يقول الخصوم "المتوترون" عنه ثم قرر أن يفجّر مفاجأته الجديدة..
لعلّ من أهم مشكلات التنشئة الاجتماعية في واقعنا اليوم هي وضوح غياب الرمز والمثال المؤثر في مسيرة النشء في كثير من شؤون الحياة. والتساؤل الواجب هنا هو ما مسببات اختفاء أو ندرة حضور "القدوة" والرمز الوطني المضيء أمام عيون الأجيال الجديدة؟
والمتأمل في بعض جوانب الظاهرة يجد أن غياب الرمز المحلي قاد إلى تسريع تأثير "استقطابات" الرموز من خارج ثقافتنا المحليّة، وهو ما بات واضحاً في مجالات الثقافة والفن والرياضة.
ولو رصدت مجمعا شبابيا يشاهد مباراة في الدوري الإنجليزي أو الأوروبي لعجبت من الحماس والتشجيع ، وانقسام المجموعة الصغيرة إلى صفين لهذا الفريق أو ذاك ولك في بقية الرموز مثال ومتمثلون من الشباب.
وحيث لا نبحث في عمق مدخلات هذه الظاهرة فقد ارتحنا للسؤال والسخرية أحياناً من ضعف القدرات الوطنيّة وعقم مجتمعنا عن إنتاج النجوم والمبدعين.
وتبدأ المشكلة حينما تتعلق هذه العيون الصغيرة والعقول الغضة برموز خارج حدود كل محترم ومهاب في المجتمع، وتصبح القدوات الوافدة هي محط الأنظار ومطمح الغايات، حينها لا تعجب من نتائج ذلك.
نعم هناك مشكلة مؤسسية في صناعة الرموز المحليّة، وهناك قضية أكبر تتمثّل في انعدام برامج تعزيز صورة الرمز والمحافظة على إشعاعه ليكون مصدر الإلهام والتمثل بدل التشبه بغريب ومتابعة خطواته كما يحصل عند كثير من شباب اليوم.
ولو راجعنا أصول المشكلة فلابد لنا أن نتساءل عن مدى فاعلية جماعات اللعب والمسجد والعائلة والمدرسة وغيرها من الجماعات المرجعية المحلية التي (يفترض أن) ينتمي إليها الشباب، وتسهم بشكل رئيس في تكوين وعيه. ومن هذا المنطلق أيضا لنا أن نعيد التفسير والتحليل، وكيف باتت المنظومات المرجعية الخارجية ذات الأثر وهي بالطبع من سيحصد ثمار التوجيه والإبهار الذي أحدثته في بنية الولد أو البنت وقد تلقفته فارغاً أو معبئاً بمضامين نظرية لم تنجح في تعبئة شخصيته، وطمأنة أسئلته في سنوات التكوين ونحن عنه غائبون. ولذا لم يكن غريباً أن يظهر أكثر من "كاشغري" مجدّفاً، أو "حمود صالح" متنكراً لكل شيء جميل في مجتمعه ومكوناته.
ونأتي هنا إلى إشكالية الرمز والقدوة وفهمه لدوره في مجتمع أشغلت الرموز أنفسها فيه بمباريات التقافز على الواجهات والشعارات،وأهملت وظائفها الاجتماعية الأساسية ودورها التاريخي في تكوين عقول وصيانة أجيال من مهاوي الردى. ولو رصدتَ "النماذج" لوجدت الرموز المحلية تتصارع في حروب التصنيفات ومعارك التخوين، وتسجيل السقطات في مشهد عبثي جعل الشباب يتفرجون عملياً على "تسالي" الرموز، وينصرفون ويتصرفون عملياً كلّ بحسب مرجعه حتى لو كان هذا المرجع منتدى إلكترونياً، أو مدونة منزوية أو مقهى يلتقي فيه المحبطون الساخطون دون "قدوة" تحتمل همومهم وطموحاتهم.
وتأسيساً على ذلك فلا عجب أن وجدنا أنفسنا بعد سنوات قلائل من شيوع ثقافة الفضائيات ونمو مستهلكي محتويات الإنترنت ونحن نعيش مع أجيال لا تطفئ مشاربنا الثقافية القديمة ظمأها، ولا تسمن مطاعم رموزنا المتناقضة من جوع بطون أضناها التأمل والمقارنة.
**مسارات:
قال ومضى: نهض "الرمز" الكبير من فراشه وبدأ يطالع متابعات المنافسين على شاشة الجوال ، وقبل مضمضة الصباح سحب "الأي باد "مستعرضاً ما يقول الخصوم "المتوترون" عنه ثم قرر أن يفجّر مفاجأته الجديدة..